قبل خمسة آلاف سنة، ومن أعماق الثقافة الهندية، انطلقت اليوغا التي سعى الانسان من خلالها إلى الكمال عن طريق إيجاد التوازن في نفسه.
اتخذها في البداية حكماء أرادوا السيطرة التامة على الجسد ليستطيع العقل التفرغ للتفكير، واعتقدوا أن الجسم المريض الضعيف يؤثر في العقل، وانه إذا كان الجسم صحيحا وخاليا من الأمراض فالعقل يصبح فعالا ومؤثرا في حياة الإنسان بإيجابية. ولندخل أكثر في أغوار هذا العلم الذي عشقه كثيرون، حيث تحدثت خبيرة اليوغا العالمية حصة الشميمري والأمين العام للاتحاد العالمي لليوغا في منطقة الخليج،
• ما اليوغا؟
- هي طريقة نظامية لبلوغ مستوى أعلى من الصحة والسعادة والتغلب على عادات قديمة خاطئة وظهور فكر وفعل جديدين، وهي عبارة عن سلسلة من التدريبات التي تساعد الإنسان على الانضباط والقوة وتنمي لديه القدرة على الاسترخاء والإدراك والاتزان.
• ما هدفها الرئيسي؟
- التوازن الداخلي والخارجي.
• ماذا نحتاج لكي نبدأ اليوغا؟
- أولا العزم على الاستمرار وتغيير نمط الحياة الذي يسبب لنا الآما وتعبا، ثم نحتاج من الماديات إلى فرشة غير منزلقة ووسائد إسناد كالمخدات وبطانية للتغطية في الاسترخاء، وقد يحتاج البعض إلى حزام لكي يستعين به في التمدد.
• متى يمكن أن نتدرب؟
- في أي وقت نشاء، لكن من الأفضل تخصيص وقت والالتزام به كروتين حياة يومية. ويفضل ان يكون في الصباح الباكر قبل أن يبدأ الانشغال بالحياة اليومية. وإذا شعر المرء بتيبس في العظام في الصباح، يمكن أن يمارس التمارين في المساء الباكر، وهذا أفضل للمصابين بألم التليف العضلي ومرضى الربو أيضا.
10 دقائق فقط للتمتع بالشباب
• كيف يمكن لليوغا أن تحافظ على الشباب والصحة؟
- 10 دقائق فقط يوميا كفيلة بأن تجعلك تتمتع بالشباب والصحة والجمال بسبب زيادة الكفاءة في الأعضاء والغدد. وهناك أوضاع يوغا خاصة بالوجه، وتمارين شد الوجه الطبيعية تخلصه من الخطوط التي تغزوه عند التقدم في العمر، وتنظف الجلد من الداخل والخارج ليصبح نقيا وناعما ومشرقا مليئا بالصحة والحيوية بعيدا عن الجراحة التجميلية التي تعطي مظهرا خارجيا فقط للشباب بإزالة التجاعيد من الوجه، وتجعله يبدو كقناع مشدود ميت وخال من الحيوية. أما يوغا الوجه فتعطي الشباب الفعلي الذي ينبع من الداخل ويكون واضحا للآخرين يستشفونه من العيون المشرقة.
ومن أهم أسباب ظهور علامات الشيخوخة تكاسل العضلات بسبب انسداد أواخر النهايات العصبية بالسموم، لأننا محاطون بها، فنحن نأكل طعاما مليئا بالشوائب ونتنفس هواء ملوثا، ويزداد الامر سوءا بازدياد العادات الغذائية السيئة، وفي النهاية يحدث تبلد للقوى الاليكترومغناطيسية التي تنعش الأعضاء والغدد الحيوية في الجسم وتقويها. وكل سنة تمر نخسر الكثير من طاقتنا، وهذا يؤدي إلى حدوث الأمراض الناتجة عن سوء عمل الغدد والأعضاء.
نتائج محققة
• كثير من الناس يشكون من الغدة الدرقية، فهل تساعد اليوغا في علاجها؟
- الغدة الدرقية واحدة من أكبر الغدد الصماء في الجسم التي تكون هرمونات وهي موجودة في الرقبة ولها شكل الفراشة وتزن حوالي 16 إلى 24 غراماً. مصنع هرمون الغدة الدرقية يعتمد على وجود الأيودين في جسمنا والأكل الذي نأكله يحتوي على نسبة كبيرة من الملح، وعنصر الأيودين يصل إلى الغدة الدرقية عن طريق الدم، ثم تمرر الغدة الهرمونات في الدم بعد تصنيعها إلى كل الجسم وهي تحفز حرق الطاقة في الجسم وتؤثر في النمو. وعندما تعمل الغدة الدرقية بنسبة أقل من المطلوب تسمى غدة خاملة، وعندما تعمل بنسبة أكثر من المطلوب تصبح نشيطة أكثر من اللازم.
والانتظام بدروس اليوغا والتنفس يساعد على تغذية الغدة الدرقية وتحسينها ويعطيها توازنا، ويمدها بالدم المملوء بالأوكسجين ويزيل منها السموم والدماء القديمة. وأهم فوائد اليوغا لأي نوع من أمراض الغدد تأتي من الانتظام في الدروس، وهناك أوضاع معينة وتنفس معين للوصول إلى نتائج محققة.
• ما هي هذه الأوضاع؟
- وضع السمكة: في هذا الوضع نشعر بضغط على منطقة الرقبة، ويعطي طاقة للغدة الدرقية بسبب وضعية الرقبة، وأيضا يقوي عضلات البطن ويفتح مراكز الطاقة في العنق.
• هل يمكنك توضيح طريقة عمله؟
- أولا نستلقي أرضا على الظهر مع ترك الركبتين مثنيتين، ثم نأخذ شهيقا، ونرفع قليلا منطقة الوركين إلى أعلى ونضع اليدين تحت عظمة العجز وراحتي اليد في مواجهة الأرض على أن يلمس الإبهامان كل منهما الآخر. عند الضغط على الذراعين والكوعين بشدة على الأرض نلق الرأس برفق إلى الخلف إلى أن تصل قمة الرأس إلى الأرض.
نزيد من الانحناء برفع الصدر أكثر إلى أعلى. ونركز الوزن على الكوعين (لا يصلح لمن يعانون آلاما في مفصل الكوع) ونخفف الوزن على منطقة التصاق الرأس بالأرض. نتنفس بكل راحة ونجعل الجذع السفلي مع الرجلين مسترخيا.
للخروج من الوضع نخرج زفيرا ثم نرفع الرأس ثم نعود بالظهر إلى الأرض ثم نحرر اليدين.
تنفس اليوغا
• بعض أنواع التنفس حسن من عمل الغدة الدرقية. كيف يتم تطبيقه؟
- أوضاع الجلوس: نجلس في وضع مريح مع وضع الرأس والرقبة والعمود الفقري في استقامة واحدة. ونضع اليدين على الركبتين في وضعGYAN MUDRA، أي نضم أطراف أصابع السبابة مع أطراف أصابع الإبهام وتمديد بقية الأصابع. نغمض العينين براحة ونرخي العضلات. نقضي بضع دقائق مع ملاحظة التنفس.
نغلق الفم ونتنفس بهدوء عن طريق الأنف بكلا الفتحتين بالتبادل مع إصدار صوت عند دخول الشهيق وإحساسنا بالهواء بداخل الحنجرة كأنه صوت الرياح بضغط خفيف ويكون منتظما ومستمرا. ويعني هذا أنه بعد الشهيق من الأنف يمر الهواء عبر سقف الحنجرة باتجاه القصبة الهوائية (تركيز التفكير على هذه المنطقة) في وقت الشهيق، مع الحرص على عدم جعل البطن يرتفع بل التركيز على منطقة الرئة وتمديدها.
بعد الانتهاء من الشهيق يجب الزفير ببطء بحيث يدخل الصدر للداخل ويظل البطن هادئا. عند الزفير يكون خروج الهواء ملاصقا للحنجرة مع إصدار صوت خفيف. نكرر من خمس إلى عشر دقائق مع إغلاق العين بخفة، ومع كل تنفس نقول لأنفسنا: اننا نتحسن. بعدها نستلقي على الأرض في وضع الجثة.
• هل هناك إصابات تحدث من اليوغا؟
- نعم، إذا لم تؤد على نحو صحيح وواع يمكن أن تؤدي إلى إصابات.
• مثل ماذا؟
- مشاكل الظهر والعمود الفقري. يجب أن نحذر من تأدية بعض الأوضاع مثل الانحناءات الأمامية، خاصة إذا كانت هناك معاناة من عرق النسا وقد تسبب كسورا انضغاطية لفقرات هي أساسا رقيقة بسبب ترقق العظام. وأيضا يمكن أن تؤدي بعض الوضعيات إلى إصابات في العنق والركبة والكاحل وغيرها، لذا يجب البحث جيدا عن مدرب مؤهل جيدا له دراية تشريحية بالجسم قبل الانضمام إلى فصول اليوغا.
مرضى التصلب المتعدد واليوغا
• في لقائك الأخير مع مرضى التصلب المتعدد من خلال ورشة العمل التي اقمتها في جمعية الهلال الأحمر.. شجعت الكثيرين من المرضى لأخذ دروس يوغا ما مدى تقبلهم لذلك؟
- تقبل الجميع باقتناع بعد أن عرفوا بأن الإجهاد هو أول عامل مهم في زيادة احتمال الإصابة بالمرض وفي ظهور العوارض بعد الشهور الأولى للمرض. لا أحد يعلم كيف؟ ولكن يفترض بأن المستويات المرتفعة لهرمون الإجهاد الكورتيزون تزيد مستويات المتحركات الخلوية قبل الالتهابية، وهي عبارة عن رسل داخلية للجهاز المناعي للجسم، تحث الالتهاب وتساهم في تدمير بطانة النخاعين للألياف العصبية.
• وكيف تساعد اليوغا في التخلص من الإجهاد؟
- اليوغا تساعد بكل مما يلي في التخلص من الإجهاد:
- اكتساب وعي مضاعف للجسم.
- التنفس بشكل أعمق وأكثر انتظاما.
- التخلص من مساوئ النفس القصير المتقطع والمعكوس وتأثيره على الجهاز العصبي.
- التمنع بنفس بطيء وجهاز عصبي مسترخ، وعقل هادىء.
- تحسن التوازن والتنسيق.
- تعلم إرخاء الشد في العضلات (الوضعية الرديئة تسهم في الشد العضلي والألم). لكن، هناك تحذير لهؤلاء المرضى عند ممارستهم لليوغا، لأن في الوضعيات التي تشتمل على عنصر التواء مثل وضعية المثلث ووضعية الزاوية الجانبية يجب إبقاء الرأس في تراصف طبيعي لكي لا تتضرر مناطق زوال النخاعين، لذلك يجب عدم فتل الأعناق، وهذا يساعدهم أيضا على مرور أسهل للنفس وعوضا عن إدارة رؤوسهم إلى الجانب من الأفضل إبقاء رؤوسهم إلى حيث تكون أنوفهم مشيرة في اتجاه الصدر نفسه على الجانب.
• اليوغا تصلح للأشخاص المرنين هل هذا صحيح؟
- لا طبعا غير صحيح، فاليوغا تصلح للناس المتقدمين في السن والذين يعانون الهشاشة والأمراض المزمنة والمتيبسين، وكل الذين يفتقدون المرونة تساعدهم اليوغا على اكتسابها.
اليوغا والعقم
• كف يمكن لليوغا أن تعالج العقم؟
- من المؤكد علميا أن المرأة التي تعاني كثيرا من الإجهاد لن تكون خصبة مثل المرأة التي لا تعانيه. وإحدى الطرق التي يستجيب الجسم لها للإجهاد هي بإنقاص كمية الدم التي تتدفق إلى الأعضاء التناسلية، سواء للرجل أو المرأة، وأيضا يمكن ان تخفض اليوغا معدل الإجهاض بتحسين إمداد الدم إلى الرحم حيث يتغذى الجنين.