قضية للنقاش : نزار قباني شاعر المرأة أم الغريزة ؟؟
يعتبر نزار قباني شاعرا مبدعا بإنتاجه الأدبي ، بكل المقاييس ، ولا يختلف في هذا ، من يختلف مع نزار ، مع من يتفق معه ، وأقصد بالتميز الإبداعي عنده نقطتين اثنتين :
الأولى : تميز الفكرة الإبداعية فقد طرح مواضيعا جديدة ، على أبناء عصره ، متميزة من حيث أسلوب التفكير والمعالجة
والثانية : تميز طريقة عرض هذه الأفكار ، في قالب لفظي وموسيقي جذاب ، ليسهل تذوق شعره وحفظه
وأسجل هنا لنزار أنه شاعر متمكن ، من حيث جمالية التعابير ، وسحر المعاني ، وجودة الصورة والتشبيه ، وشفافية العاطفة ورقتها ، ومتانة اللفظ ومناسبته للمعنى ، وتقيده بالوزن الشعري سواء كان شعره عموديا أم من شعر التفعيلة ، ومن حيث توازن القافية وموسيقيتها ، وخلو شعره من عيوب الشعر الفاحشة من أخطاء نحوية وإملائية ، والإقواء وكسر الوزن ، والألفاظ الشعرية الغريبة أو الشاذة
وأنا أسجل له كل هذه الإيجابيات ، لأنني إنسان منصف في نقدي ، ولا أحب الافتراء ولا ذكر الحقائق المنقوصة .
لكن رأيي هذا ، لا يعني أنني أتوافق معه في مضمون شعره ، فنزار برأيي من حيث المضمون ، أساء إلى أجيال عربية كاملة ، بتهتكه ومجونه في الطرح ، وبظلمه للمرأة العربية وتحويلها إلى مجرد جسد رخيص
وما دفعني لطرح تلك القضية للنقاش ، هو تشدق البعض بالثناء عليه ، وإطنابه ، وإعطائه أكثر من حقه ، لدرجة قيام التلفزيون العربي السوري بإنتاج مسلسل عنه ، وقد وصفه بعض المتملقين والمتهتكين من النقاد بشاعر المرأة ، لأنه بحسب رأيهم غير المنصف ، هو أكثر شاعر عبر عن مكنونات نفس المرأة العربية ، وغاص في خلجاتها، وتناول الكلام عنها بكل جرأة ، وتناول أدق تفاصيل مشاعرها العاطفية والجنسية .
أنا أتفق مع هؤلاء في جرأة الطرح عند نزار ، ولكن لا أتفق معهم على كونه شاعر المرأة ، فقد حول المرأة العربية إلى مجرد سلعة رخيصة ، أو غانية تهب جسدها بكل سهولة لمن شاء واشتهى ، وهو لا يجد في هذا امتهانا لكرامتها ، بل يجده نوع من حرية السلوك والتعبير .
يؤسفني وأنا أكتب هذه الكلمات عن شاعر وأديب من أبناء بلدي سورية ، جمعني فيه رغم اختلاف العصر ، حبنا لدمشق تلك الواحة الغناء ، جنة الله على أرضه ، ويجمعنا أيضا أننا تخرجنا من كلية واحدة ، وهي كلية الحقوق في جامعة دمشق ، ولكن كلمة الحق يجب أن تقال ، ويجب أن تجرى لنزار ولو بعد موته ، محاكمة أدبية تاريخية عادلة ، يذكر فيها ما له وما عليه بإنصاف وتجرد .
ومن هنا أتساءل أيها السادة ، متى كانت الأوسمة تمنح للماجنين والمتهتكين ، ومتى كان التكريم والتخليد يمنح للذين يضرون بأوطانهم ، ولأجيال متعاقبة من أمتهم ، ومما زاد الطين بلة قيام أم كلثوم بغناء بعض قصائده فلا عتب على مطربي اليوم الوقوف بباب دواوينه لاستجداء بعض قصائده .
بعد قراءتي الأعمال الكاملة لنزار ، خرجت بنتيجة مفادها أنه مهووس جنسيا ، فهو يضمن المعاني الجنسية ، في شعره الوطني والسياسي وفي شعره عن الأم والأخت والزوجة والحبيبة ، حتى عالم الحيوان لم يخل من التعابير الجنسية في الشعر المتعلق به ، وهو فوق ذلك ينشر الكفر والإلحاد في قصائده ، ويستخدم عبارات فاحشة تخدش الحياء ، والله لقد ذكرني هوسه الجنسي بفرويد ، وهو فوق ذلك حاول نقل صورة حالمة مكذوبة عن المجتمعات الغربية المتهتكة ، معجبا بإباحيتها ، فها هو يصف تلك الماجنة الفرنسية جانين بثيابها التي تكشف أكثر مما تستر ، ومعيشتها في مجتمع بهيمي هو مجتمع الهيبيز، وهاهو في قصيدة إني حبلى يتكلم بلسان فتاة منحلة خلقيا شديدة الصفاقة والدناءة ، تسلم نفسها لوغد سافل ، وتحمل حراما ، وتقوم برفض الزواج منه ، رغم أنه لا يعرض عليها الزواج ، بحجة أنها لا تريد لطفلها أبا نذلا .
هذه النماذج التي يعرضها نزار للمرأة العربية ، وهناك صور أفحش ، فهل هذه هي المرأة العربية فعلا ؟ هل يرضى أحدنا هذا الوصف لأي امرأة من محيطه ؟ والأعجب من ذلك أننا نجد كثيرا من النساء متيمات بشعره يذبن حبا وهياما ، لكلام معسول يعرض فيه رفعة الرجل وتكبره على الأنثى فهو بكل صلف وكبرياء يخيرها بين الجنة والنار ، فهو مالك أمرها وهي دمية بين يديه ، والجنة والنار هي الموت على كل حال ، فإما الموت على صدره ، أو في شعره المميت ، وقد صدق ، فهو يحمل للمرأة في شعره السم الزؤام
وفوق ذلك فمحبوبته راقصة ماجنة ، ترقص حافية القدمين ، وهي ترجوه أيضا أن يحن عليها وهي في أقصى درجات الذل والهوان ، بالرضا والإنعام ، مهما فعل ، فالحبيب كالطفل المدلل ، نحبه مهما أساء .
وفوق كل ذلك يكرس السيد نزار العادات القبيحة التي تدعو إلى التهتك والابتذال ، من دعوات صريحة للزنا ، والانصراف للتدخين وشرب الخمور ، عندما يتفكر بعيني حبيبته ، فعيناها وتبغه وكحوله ، والكأس العاشر أعماه
وأخيرا ، لايسعني إلا أن أعبر عن أسفي لشاعر رقيق العاطفة ، مرهف الإحساس ، ذو نغم شجي ، أبدع من لحن ناي ، عاش في ربوع الشام ، وشرب من رقراق بردى ، أن ينزلق إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الفكري والأخلاقي ، ويكرس قلمه المبدع النادر الوجود لطعن مجتمعنا بما يحمل من قيم ومثل ، ويشارك أعداء الأمة قي مشاريعها لقتل أية مبادئ سامية في نفوس أبنائها .
المحامي محمد هشام الحساني - رئيس الجمعية السورية للموهبة والإبداع
يعتبر نزار قباني شاعرا مبدعا بإنتاجه الأدبي ، بكل المقاييس ، ولا يختلف في هذا ، من يختلف مع نزار ، مع من يتفق معه ، وأقصد بالتميز الإبداعي عنده نقطتين اثنتين :
الأولى : تميز الفكرة الإبداعية فقد طرح مواضيعا جديدة ، على أبناء عصره ، متميزة من حيث أسلوب التفكير والمعالجة
والثانية : تميز طريقة عرض هذه الأفكار ، في قالب لفظي وموسيقي جذاب ، ليسهل تذوق شعره وحفظه
وأسجل هنا لنزار أنه شاعر متمكن ، من حيث جمالية التعابير ، وسحر المعاني ، وجودة الصورة والتشبيه ، وشفافية العاطفة ورقتها ، ومتانة اللفظ ومناسبته للمعنى ، وتقيده بالوزن الشعري سواء كان شعره عموديا أم من شعر التفعيلة ، ومن حيث توازن القافية وموسيقيتها ، وخلو شعره من عيوب الشعر الفاحشة من أخطاء نحوية وإملائية ، والإقواء وكسر الوزن ، والألفاظ الشعرية الغريبة أو الشاذة
وأنا أسجل له كل هذه الإيجابيات ، لأنني إنسان منصف في نقدي ، ولا أحب الافتراء ولا ذكر الحقائق المنقوصة .
لكن رأيي هذا ، لا يعني أنني أتوافق معه في مضمون شعره ، فنزار برأيي من حيث المضمون ، أساء إلى أجيال عربية كاملة ، بتهتكه ومجونه في الطرح ، وبظلمه للمرأة العربية وتحويلها إلى مجرد جسد رخيص
وما دفعني لطرح تلك القضية للنقاش ، هو تشدق البعض بالثناء عليه ، وإطنابه ، وإعطائه أكثر من حقه ، لدرجة قيام التلفزيون العربي السوري بإنتاج مسلسل عنه ، وقد وصفه بعض المتملقين والمتهتكين من النقاد بشاعر المرأة ، لأنه بحسب رأيهم غير المنصف ، هو أكثر شاعر عبر عن مكنونات نفس المرأة العربية ، وغاص في خلجاتها، وتناول الكلام عنها بكل جرأة ، وتناول أدق تفاصيل مشاعرها العاطفية والجنسية .
أنا أتفق مع هؤلاء في جرأة الطرح عند نزار ، ولكن لا أتفق معهم على كونه شاعر المرأة ، فقد حول المرأة العربية إلى مجرد سلعة رخيصة ، أو غانية تهب جسدها بكل سهولة لمن شاء واشتهى ، وهو لا يجد في هذا امتهانا لكرامتها ، بل يجده نوع من حرية السلوك والتعبير .
يؤسفني وأنا أكتب هذه الكلمات عن شاعر وأديب من أبناء بلدي سورية ، جمعني فيه رغم اختلاف العصر ، حبنا لدمشق تلك الواحة الغناء ، جنة الله على أرضه ، ويجمعنا أيضا أننا تخرجنا من كلية واحدة ، وهي كلية الحقوق في جامعة دمشق ، ولكن كلمة الحق يجب أن تقال ، ويجب أن تجرى لنزار ولو بعد موته ، محاكمة أدبية تاريخية عادلة ، يذكر فيها ما له وما عليه بإنصاف وتجرد .
ومن هنا أتساءل أيها السادة ، متى كانت الأوسمة تمنح للماجنين والمتهتكين ، ومتى كان التكريم والتخليد يمنح للذين يضرون بأوطانهم ، ولأجيال متعاقبة من أمتهم ، ومما زاد الطين بلة قيام أم كلثوم بغناء بعض قصائده فلا عتب على مطربي اليوم الوقوف بباب دواوينه لاستجداء بعض قصائده .
بعد قراءتي الأعمال الكاملة لنزار ، خرجت بنتيجة مفادها أنه مهووس جنسيا ، فهو يضمن المعاني الجنسية ، في شعره الوطني والسياسي وفي شعره عن الأم والأخت والزوجة والحبيبة ، حتى عالم الحيوان لم يخل من التعابير الجنسية في الشعر المتعلق به ، وهو فوق ذلك ينشر الكفر والإلحاد في قصائده ، ويستخدم عبارات فاحشة تخدش الحياء ، والله لقد ذكرني هوسه الجنسي بفرويد ، وهو فوق ذلك حاول نقل صورة حالمة مكذوبة عن المجتمعات الغربية المتهتكة ، معجبا بإباحيتها ، فها هو يصف تلك الماجنة الفرنسية جانين بثيابها التي تكشف أكثر مما تستر ، ومعيشتها في مجتمع بهيمي هو مجتمع الهيبيز، وهاهو في قصيدة إني حبلى يتكلم بلسان فتاة منحلة خلقيا شديدة الصفاقة والدناءة ، تسلم نفسها لوغد سافل ، وتحمل حراما ، وتقوم برفض الزواج منه ، رغم أنه لا يعرض عليها الزواج ، بحجة أنها لا تريد لطفلها أبا نذلا .
هذه النماذج التي يعرضها نزار للمرأة العربية ، وهناك صور أفحش ، فهل هذه هي المرأة العربية فعلا ؟ هل يرضى أحدنا هذا الوصف لأي امرأة من محيطه ؟ والأعجب من ذلك أننا نجد كثيرا من النساء متيمات بشعره يذبن حبا وهياما ، لكلام معسول يعرض فيه رفعة الرجل وتكبره على الأنثى فهو بكل صلف وكبرياء يخيرها بين الجنة والنار ، فهو مالك أمرها وهي دمية بين يديه ، والجنة والنار هي الموت على كل حال ، فإما الموت على صدره ، أو في شعره المميت ، وقد صدق ، فهو يحمل للمرأة في شعره السم الزؤام
وفوق ذلك فمحبوبته راقصة ماجنة ، ترقص حافية القدمين ، وهي ترجوه أيضا أن يحن عليها وهي في أقصى درجات الذل والهوان ، بالرضا والإنعام ، مهما فعل ، فالحبيب كالطفل المدلل ، نحبه مهما أساء .
وفوق كل ذلك يكرس السيد نزار العادات القبيحة التي تدعو إلى التهتك والابتذال ، من دعوات صريحة للزنا ، والانصراف للتدخين وشرب الخمور ، عندما يتفكر بعيني حبيبته ، فعيناها وتبغه وكحوله ، والكأس العاشر أعماه
وأخيرا ، لايسعني إلا أن أعبر عن أسفي لشاعر رقيق العاطفة ، مرهف الإحساس ، ذو نغم شجي ، أبدع من لحن ناي ، عاش في ربوع الشام ، وشرب من رقراق بردى ، أن ينزلق إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الفكري والأخلاقي ، ويكرس قلمه المبدع النادر الوجود لطعن مجتمعنا بما يحمل من قيم ومثل ، ويشارك أعداء الأمة قي مشاريعها لقتل أية مبادئ سامية في نفوس أبنائها .
المحامي محمد هشام الحساني - رئيس الجمعية السورية للموهبة والإبداع